عــد للــوراء !

المساهمات : 4 تاريخ التسجيل : 06/04/2008

الله الرحمن الرحيم

كثيرا ما أحاول أن أستغل طريق عودتي الطويل الى المنزل فأحيانا أمسك كتابا وأحيانا أنخرط بحديث ممتع مع احدى صديقاتي.. وأحيانا أغفو...ونادرا ما أفكر أن أكتب..!

ولكني كتبت ذاك اليوم، ولم أكن أعرف لما أكتب معنى؟! كأن عقلي قد قرر أن يرتاح من كثرة اتاعبي له وقرر أن يستعين بغيري..! بحديث خاص يتولى فيه قلمي ترجمته لحروف ..فتنبهني لشيء غاب عني..

===========================

عُد للوراء...!

أحببت الفن منذ الصغر، كنت ارسم هنا وألون هناك،كل ورقة تقع بيدي كان لها من خط قلمي

نصيب،شهدت أمي ببراعتي وتنبأ أبي بمستقبلي وشجعني الجميع، حتى جدران منزلنا القديم

شهدت على ذلك، وكنت قد هيأت نفسي لأقيم معرضا ولأصبح كالذي رسم الموناليزا، بل

قررت أن أفوقه براعة.

في هذا العمر المبكر عقدت وثاقا مع دفتر رسمي والواني الخشبية الصغيرة

المستهلكة،و قررت أن أهب نفسي للفن، أحببت أن ارسم الشمس والأشجار والزهور المتفتحة،

أحببت الطبيعة وألوانها وكل ما فيها، وددت لو أرسم عبيرها لو استطعت، صادقت الفراشات

والحيوانات، حتى شعرت بالخزي كلما هممت بدهس نملة بإصبعي.

ومضت الأيام تليها شهور وتليها سنون، والحب بقلبي ما يزال ولكنه أبعد من أن تجدده الذاكرة

المضمحلة، حتى تيقنت أن العمر يمضي والحلم الصغير بدأ ينقشع مع انقضاء كل ليلة، عدت لأبدأ

من صفر صغير كبداية التكوين، كأني ولدت للتو واللحظة، فأتعلم من جديد كيف يمسك بالقلم وكيف

نجعل الخط مستقيما وكيف يكون دائريا ومن ثم أنتقل لمستوى أعلى فأبدأ برسم جره وزهرة،

فأرتقي لمستوى الشجرة، ثم لا ألبث طويلا حتى أرسم لوحة!

قف هنا واستثمر خمس عشرة دقيقة من العمر المقضي، عد للوراء، لا لسنه ولكن لسنوات، تذكر

تلك الأحلام الصغيرة، التي ولدت معك ودفنت بداخلك، عد فتأمل ماذا صنعت وما الذي لم تصنعه،

ليس بالضرورة أن تجد سببا، فأغلب ما يحدث بحياتنا يفرض علينا ولا نخير به، لا تعاتب نفسك ولا

تجلدها، بل اعقد هدنه وأحب نفسك وصالحها، وجدد مشاريعك وخطط لها، وتعلم كيف تحول الحلم

لحقيقة، وابدأ بمسك القلم وارسم خطا وخطوطا فسيأتي اليوم الذي تكتمل فيه اللوحة، واعلم أن

البناء يبدأ بحجره.

~ ~ ~
تمت

بقلم

بهجة القلوب