أميرة الورد
المساهمات : 12 تاريخ التسجيل : 04/04/2008
| موضوع: الــمــواكــب السبت أبريل 05, 2008 3:42 pm | |
| الخير في الناس مصنوع إذا جُبروا و الشر في الناس لا يفنى و إن قُبروا
و أكثر الناس آلات تحركها أصابع الدهر يوما ثم تنكسرُ
فلا تقولن هذا عالم علم و لا تقولن ذاك السيد الوقرُ
فأفضل الناس قطعان يسير بها صوت الرعاة و من لم يمش يندثرُ
ليس في الغابات راع لا و لا فيها القطيع
فالشتا يأتي و لكن لا يجاريه الربيع
خُلِق الناس عبيداً للذي يأبى الخضوع
فإذا هب يوماً سائراً سار الجميع
أعطني الناي و غن فالغنا يرعى العقول
و أنين الناي أبقى من مجيد و ذليل
و ما الحيا سوى نوم تراوده أحلام من بمراد النفس يأتمرُ
و السر في النفس حزن النفس يستره فإن تولى فبالأفراح يستترُ
و السر في النفس حزن النفس يستره فإن أزيل تولى حجبه الكدرُ
فإن ترفعت عن رغدٍ و عن كدرٍ جاورت ظل الذي حارت به الفكرُ
ليس في الغابات حزن لا و لا فيها الهموم
فإذا هبَّ نسيمٌ لم تجئ معه السموم
ليس حزن النفس إلا ظل وهم لا يدوم
وغيوم النفس تبدو من ثناياها النجوم
أعطني الناي و غنِّ فالغنا يمحو المحن
و أنين الناي يبقى بعد أن يفنى الزمن
* * *
ليس في الغابات عدل لا و لا فيها العقاب
فإذا الصفصاف ألقى ظلّه فوق التراب
لا يقول السرو هذي بدعة ضد الكتاب
إنّ عدل الناس ثلج إن رأته الشمس ذاب
أعطني الناي و غنّ فالغنا عدل القلوب
و أنين الناي يبقى بعد أن تفنى الذنوب
* * *
أعطني الناي و غنِّ و انس ما قلتُ و قلتا
إنما النطق هباء فافدني ما فعلتا
هل اتخذت الغاب مثلي منزلا دون القصور
فتتبعت السواقي و تسلقت الصخور
هل تحممت بعطر و تنشفت بنور
و شربت الفجر خمراً في كؤوس من أثير
هل جلست العصر مثلي بين جفنات العنب
و العناقيد تدلت كثريات الذهب
فهي للصادي عيون و لمن جاع الطعام
و هي شهدٌ و هي عطرٌ و لمن شاء المدام
هل فرشت العشب ليلا و تلحفت الفضا
زاهداً فيما سيأتي ناسياً ما قد مضى
و سكوت الليل بحر موجه في مسمعك
و بصدر الليل قلب خافق في مضجعك
أعطني الناي و غنِّ و انس داءً و دواء
إنما الناس سطور كُتِبت لكن بماء
ليت شعري أي نفع في اجتماع و زحام
و جدال و ضجيج و احتجاج و خصام ؟
كلها أنفاق خلد و خيوط العنكبوت
فالذي يحيا بعجزٍ فهو في بطءٍ يموت
العيش في الغاب و الأيام لو نظمت في قبضتي لغدت في الغاب تنتثرُ
لكن هو الدهر في نفسي له أرب فكلما رُمتُ غاباً قام يعتذرُ
و للتقادير سُبُلٌ لا تُغَيّرُها و الناس في عجزهم عن قصدهم قصروا
جبران خليل جبران | |
|